الشأن المحليمنتدى جمعيات مرتيل

العمل الجمعوي موضوع  حلقة دراسية بمرتيل

بدعوة وتنظيم من منتدى جمعيات مرتيل احتضن المركز الثقافي لمرتيل السبت الماضي 1 يونيو لقاء بين مجموعة من الفعاليات الجمعوية من مرتيل وتطوان والمضيق استهل بالوقوف لقراءة الفاتحة ترحما على الشهداء الذين سقطوا في فلسطين ضحية العدوان الصهيوني الهمجي.

قام بتسيير اللقاء بكفاءة عالية الأستاذ نور الدين أبلعوس أستاذ فاعل وباحث جمعوي متعاون مع المنتدى الذي ذكر بالهدف من هذا اللقاء/الحلقة الدراسية (راجع الورقة التقنية في الرابط أدناه) والمحدد في تطوير التفكير الجماعي حول الأداء الفعلي اليومي للنسيج الجمعوي بمرتيل والإجابة على عدد من الأسئلة التي تؤرق المتدخلين والمتدخلات من المجتمع المدني في الشأن المحلي.

وتمهيدا للنقاش عرض رئيس المنتدى في مداخلته الافتتاحية عددا من الملاحظات النقدية حول تجربة المنتدى من الناحية التنظيمية مبرزا الاختلالات التي تحد من تأثيره في الفعل المجتمعي وفي السياسات العمومية منها قلة عدد الأعضاء النشيطين، عدم التجانس بين اهتمامات الجمعيات الأعضاء، ضعف الاستمرارية لدى العديد من الجمعيات التي تعاقبت على تسيير المنتدى، وقصور القانون الأساسي الحالي على استيعاب الفعاليات من الأفراد ومن الجمعيات ودعا إلى ضرورة  مراجعة هذا القانون في الجمع العام المقبل المقرر قبل نهاية السنة الجارية وعبر عن أمله في أن يفرز هذا الجمع قيادة شابة تعزز المكتسبات وتطور رصيد المنتدى ليحقق أهدافه المعلنة. لكن هذا لم يمنع المنتدى من مواصلة حضوره بانتظام وخلق نوع من الإشعاع على المستوى المحلي والوطني والدولي بالنظر إلى المشاريع التي أدارها بجدارة في الثلاث سنوات الأخيرة. وعزا من جهة أخرى تراجع العمل الجمعوي بمرتيل إلى إغلاق مركز الاندلس للمبادرات الجمعوية الذي كان يحتضن قبيل الكوفيد عشرات الأنشطة أسبوعيا وطالب بضرورة إعادة تشغيله وتفعيل اتفاقية الشراكة مع المنتدى بشأن تسيير هذا المرفق الهام التي صادق عليها المجلس الجماعي في دورة يوليوز 2013.

          الدكتور عبد المالك أصريح عن جمعية الحمامة البيضاء لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة لاحظ في مداخلته المعنونة ب”لماذا العمل الجمعوي” أن أكثر من تسعين في المئة من الجمعيات لا تتوفر على مخطط استراتيجي وغالبا ما تفتقر إلى رؤية واضحة لدواعي التأسيس والغاية من الجمعية، فحتى العمل الخدماتي الذي تتخصص فيه بعض الجمعيات يتطلب تصورا واضحا وخطة عمل مركزة وأكد على ضرورة الاستقلالية والتعاون في ما بين الجمعيات. أما بخصوص التشبيك فقد لاحظ أن الجمعيات لا تعرف الاشتغال في ما بينها وهذا هو العائق الأساسي، كيف يمكن لكل جمعية في الشبكة أن تجد لها حيزا للاشتغال وفي نفس الوقت تحافظ على استقلاليتها. إن الجمعية هي أولا وقبل كل شيء وسيلة لا غاية في حد ذاتها. أما بخصوص الاستدامة وصناعة الخلف فذلك لن يتأتـى إلا عبر فسح المجال للعناصر الشابة لاتخاذ المبادرة وتشجيعها على ذلك والتكثيف من التكوينات الهادفة وليس الشكلية لصقل القدرات وخلق حوافز للعمل وتشجيع التطوع الذي بدأ يتراجع ودعا في الأخير إلى ضرورة الاستفادة من الجامعة كمركز لإنتاج المعرفة وتطوير القدرات. النجاح في العمل الجمعوي يشترط النجاح في الحياة الشخصية أولا. أشتغل في مجموعة تغيير القوانين المنظمة للجمعيات (ميرلا) وسأعمل على  نقل هذه الأسئلة إلى الفريق المشرف.

الأستاذ عبد الواحد الغازي مستشار في التوجيه والتخطيط لدى المنتدى وهو مؤطر ومستشار في العمل الجمعوي، أعطى تصنيفا وتوصيفا كرونولوجيا للتحولات والمسارات في المشهد الجمعوي في المغرب موضحا أننا اليوم أمام عدد لا يحصى من أنواع وأنماط الجمعيات. برزت الحركة الجمعوية بالمغرب إبان الاستعمار وكان هدفها تقديم الخدمات الاجتماعية والرياضية للمواطنين لتعبئتهم في إسناد المقاومة من أجل الانعتاق من قبضة الاستعمار. الجيل الثاني جاء مع ظهير 1958 ليؤسس للتعددية الجمعوية بموازاة مع التعددية السياسية التي تميز بها المغرب منذ الاستقلال وتجلى ذلك في التنوع الثقافي والتربوي والخدماتي الذي طبع العمل الجمعوي: الجمعية المغربية لتربية الشبيبة أسسها المناضل المهدي بنبركة، ثم الكشفيات والجمعيات المؤسسة من طرف الأحزاب. في مطلع سنوات 90 برز الجيل الثالث، جيل الجمعية المقاولة لكونها تستعير أدوات المقاولة في التسيير والتخطيط. هذا أدى إلى تراجع خطير للتطوع الذي هو الميزة الأساسية والأصيلة للعمل الجمعوي، فأصبحنا نشاهد مكاتب جمعيات بدون أعضاء، بعضها يتأسس أحيانا لإيجاد موقع في المجتمع ومحاباة أصحاب النفوذ، في ظل غياب أخلاقيات الالتزام والانضباط في التسيير الأدبي والمالي واحترام الوقت.  

تميز اللقاء أيضا بكلمة ألقتها الأستاذة رشيدة أشبون ممثلة عن مجلس عمالة المضيق الفنيدق عرضت فيها إسهامات مجلس العمالة في تنشيط الحياة الجمعوية كإحداث هيئة المساواة وإبرام العديد من الاتفاقيات مع الجمعيات والتعاونيات خصوصا في العالم القروي والتي تشتغل في مجالات الإعاقة والنقل المدرسي والتكوين الحرفي وجلب الماء لبعض الدواوير، والمشاركة في شراكات في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث أصبح مجلس العمالة شريكا أساسيا في البرامج والمشاريع ذات الطابع الاجتماعي.  كما تميز اللقاء بشهادة الأستاذ فؤاد العمراني عن تجربة جمعية أتيل من تطوان التي تدير العشرات من المشاريع في إطار التعاون الدولي تدور حول التكوين المهني والتربية غير النظامية ودعا إلى ضرورة التمييز بين الأدوار والمسؤوليات والواجبات بين الجمعيات و المؤسسات العمومية. الأستاذ عبد الخالق بنعبود رئيس جمعية الحياة التي حضرت بوفد شبابي هام، أوضح أن بعض الجمعيات تتحمل أكثر من طاقتها وأكد على ضرورة تجديد القيادات مستشهدا بمقولة “إما أن نتجدد أو نتبدد” وعلى ضرورة التغيير حتى وإن كنا نوفر خدمات أن ننظم أنشطة كثيرة.

باقي المداخلات والشهادات تناولت العديد من القضايا  نلخصها في ما يلي: عدم إغفال الدور التأطيري التربوي في العمل الجمعوي وأهمية التطوع وهو يتفاعل بالضرورة مع العمل السياسي والنقابي، بعض الجمعيات أصبحت دكاكين لأحزاب سياسية تتمتع بالأفضلية في توزيع الشراكات والتكليفات، الريع الجمعوي، لا حياة جمعوية حقيقية بمرتيل، من بين الإكراهات ضعف فضاءات الاشتغال وتدخل السلطة في برامج الجمعيات بل ومضايقتها، الجماعة الترابية لا تتواصل مع المجتمع المدني، غياب الثقة بين الجمعيات، الحاجة إلى تقوية القدرات والالتقائية بين الجمعيات، غياب التضامن وحسن الجوار، تراجع التطوع يجد تفسيره في غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة وانعدام الثقة في النفس، ضرورة الاهتمام بالطفولة (حالة إلهام التي نشأت وتكونت في مدرسة جمعية الحياة وتقود اليوم جمعية لها حضور مهم)،ليس من السهل تحقيق تأثير من المجتمع المدني لذا علينا التحلي بطول النفس والضغط من جميع النواحي وأن تكون لدينا قضية نؤمن بها، هذا اللقاء التفاعلي مهم ويجب تكرار مثل هذه المناسبات، تجربة منصة الفعل المجتمعي مهمة لكن خلافات إيديولوجية عصفت بها، عدد من الجمعيات تشتغل بدون رسالة واضحة، شهادة منى التي غادرت عملها لخلق جمعية هبة لخدمة النساء في مجال الصناعة التقليدية وقمنا بتنظيم معارض ناجحة، جمعية العهد الجديد تسير مكتبة الحي في إطار التنمية البشرية ونجد صعوبة في وجود متطوعين، دار الجمعيات لم تعد تشتغل، توصية بعقد مثل هذه اللقاءات بشكل دوري وتنويع النقاش العمومي حول الديمقراطية والقضايا التي تشغل الرأي العام.

/

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button
error: