الشأن المحلي

الحقوق الإنسانية للنساء والحماية الاجتماعية موضوع لقاء جهوي هام بالمضيق

البوابة: تقرير خاص
     بدعوة من المرصد المغربي للحماية الاجتماعية وجمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص جهة طنجة تطوان الحسيمة ومؤسسة فريدريش إيبرت، التأمت فعاليات جمعوية بالجهة في ندوة عمومية بدار الثقافة بالمضيق الخميس 24 أكتوبر 2024 قام بتسييرها الدكتور والفاعل الجمعوي رشيد الدردابي لتوسيع وتعميق النقاش الدائر على المستوى الوطني في موضوع “من أجل حماية اجتماعية تضمن الحقوق الإنسانية للنساء”. ويندرج هذا اللقاء حسب بيان الدعوة “في إطار تتبع العراقيل والتحديات التي تواجه تحقيق المساواة بين النساء والرجال وتعميم الحماية الاجتماعية الشاملة والدامجة، خاصة وأن تعزيز الحقوق الإنسانية للنساء مازال يصطدم بالعديد من العوائق القانونية والثقافية والاجتماعية التي تحول دون تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي: هشاشة البنية التحتية لتمكين النساء اقتصادياً، التفاوتات الاجتماعية والترابية، هيمنة الاقتصاد غير الرسمي ،غياب العدالة الأجرية، ضعف فرص العمل “كما يهدف “إلى إيجاد مسالك تعزيز نطاق الحماية الاجتماعية الشاملة والدامجة للنساء، ومواصلة تتبع ومواكبة الورش الحكومي للحماية الاجتماعية، إضافة إلى بلورة توصيات ومخرجات عملية من شأنها المساهمة في إرساء نظام عادل قادر على تلبية حاجيات العيش الكريم”
في مداخلتها الافتتاحية ركزت ذة. أمينة محمودي، عن جمعية السيدة الحرة على ضرورة ضمان الحماية الاجتماعية كحق فردي إنساني يضمنه الدستور وأنه شرط للإنصاف والعدل ويشكل حصانة للنساء لحمايتهن من المخاطر الحياتية (المرض، الشيخوخة، العجز وما إلى ذلك) وهو ركيزة أساسية في مسار تحقيق التنمية الشاملة لأي مجتمع. وفي هذا السياق أشارت إلى الفجوات المتواترة بين الرجال والنساء رغم مساهمتهن في عدة وظائف محجوبة وغير مدفوعة الأجر. واختتمت المتدخلة كلمتها بالدعوة إلى الترحم على شهداء الشعب الفلسطيني ضحايا العدوان الصهيوني الإرهابي النازي كما نددت بالأنظمة التي تطبع مع هذا العدوان.
وعن المرصد المغربي للحماية الاجتماعية افتتحت ذة فاطمة الزهراء اليحياوي كلمتها بإعلان التضامن مع المقاومة في فلسطين ولبنان من أجل فلسطين حرة أبية وعاصمتها القدس. كما وجهت تحية خاصة للنساء القرويات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة القروية.  وقد توسعت المتدخلة في الجوانب القانونية والحقوقية للحماية الاجتماعية باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان سبق أن نصت عليه المواثيق الدولية (الإعلان العالمي) كما هو الشأن في الضمان الاجتماعي المنصوص عليه في الاتفاقية 102 مع منظمة العمل الدولية بحيث لا يمكن الحديث عن دولة اجتماعية دون ضمان هذه الحقوق. وباستنادها إلى بيانات المندوبية السامية للتخطيط أوضحت المتدخلة بالأرقام مدى تعارض الوضعية الاجتماعية للمرأة المغربية (20% فقط من النساء مسجلات في الضمان الاجتماعي مقابل 68% من الرجال) مع الحقوق التي يضمنها الدستور وكذا الحطابات الملكية آخرها في عيد العرش يوليوز 2020 ثم دعت في الأخير إلى ضرورة إنجاح القانون الإطار الذي دعا له جلالة الملك وإعمال مقتضياته. أربعة أهداف تقول ذة. اليحياوي يلزمنا تحقيقها: تعميم التغطية الصحية والعائلية، احترام المواثيق الدولية، الحق في التنمية وحضر التمييز والمعاملة القاسية.
الدكتور محمد طارق، أستاذ القانون الاجتماعي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أشار في بداية عرضه إلى الطابع الشمولي لمنظومة الحماية الاجتماعية التي هي كل لا يتجزأ بحيث تشمل الأطفال والشيوخ والنساء وباقي الفئات المجتمعية، كما تشمل بمفهومها الواسع ضمان الحقوق الديمقراطية والسياسية والمدنية والاقتصادية، وفق ما نصت عليه المواثيق والمؤسسات الدولية، من هنا فإن الدولة المغربية مسؤولة على حماية الجميع. وأننا بدأنا هذا الورش بشكل متأخر بحيث انطلق مع أزمة الكوفيد. وقد حدد المتحدث عددا من المخاطر التي تستوجب الحماية الاجتماعية في حدها الأدنى وفي مقدمتها: الصحة، المرض المهني والعادي، الشيخوخة، البطالة وحوادث الشغل وعلى هذه الحماية أن تكون شمولية ونافذة للرجال والنساء في العالمين الحضري والقروي. ولاحظ أن قانون الإطار لا يركز إلا على جزء من هذه المخاطر في حين أن أجل تحقيق أهداف المشروع المعلن لم تعد تفرقنا عنه سوى بضعة أشهر. ولبيان التأخر الحاصل على هذا المستوى، أسهب الدكتور طارق  في مدى استفادة الأسر المغربية من الحماية الاجتماعية معللا أقواله بمعطيات رقمية رسمية مشيرا إلى أن الفرد يجب أن يكون هو المستهدف بالأساس: 2 مليون أسرة من أصل 11 مليون ونصف ما زالت تنتظر الحصول على البطاقة الطبية للتأمين الإجباري عن المرض في القطاع العام، 5 مليون أسرة لا تستفيد من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أغلبهم نساء رغم أنهن منخرطات، والباقي (حوالي 4 مليون أسرة) في منطقة رمادية لا تنتمي إلى أي فئة، مليون ونصف أسرة تعيلها امرأة (أرقام 2022)، وهي خارج التغطية الصحية. وأخيرا توقف المتحدث عند بعض المظاهر التي تعكس مدى تضرر النساء وحرمانهن من الحماية الاجتماعية: وجود فجوة واضحة في توزيع العمل المنزلي (حيث تضطر المرأة غالبا إلى التخلي عن العمل للتفرغ إلى تربية الأبناء)، العمل المنزلي غير مدفوع الأجر لا يعتبر حتى في الإحصاء، ضعف مساهمة النساء في سوق الشغل (نسبة البطالة أعلى بكثير بالنسبة للرجال)،  ارتفاع نسبة النساء في الاقتصاد غير المهيكل (90% )
من جهتها تساءلت ذة حليمة بلعربي عن اتحاد العمل النسائي أين يسير المغرب ؟ وهل يمكننا الحديث عن دولة اجتماعية في نظام نيو ليبرالي يقوم على تشجيع الخوصصة وتراجع جودة الخدمات العمومية (إضرابات التعليم والصحة مؤخرا) في ظل ضرب المدرسة العمومية وتعثر البناء الديمقراطي وسيادة اقتصاد الريع والاحتكار ؟ وأشارت إلى التراجع الحاصل بعد التخلي عن نظام الرميد الذي كان يتميز بنوع من التكافل. نحن اليوم تقول المتدخلة في حاجة إلى مجتمع لائق وعمل لائق يحترم الكرامة الإنسانية (لا لقفة الإهانة) وإلى تعليم عمومي قوي يُكَون مواطنا متحررا قادرا على العطاء والمساهمة الفعالة في بناء المجتمع، كما أننا في حاجة إلى رد الاعتبار لدور النساء في التنشئة الاجتماعية، المرأة لا يمكن أن تكون عاطلة، فهي دائما تشتغل في العمل المنزلي على الأقل، والمرأة القروية في حاجة إلى عناية خاصة من خلال تقريب الخدمات الصحية إلى المناطق النائية للحد من الكوارث الإنسانية التي تعاني منها القرويات.
الأستاذة أمينة البسطي عن جمعية السيدة الحرة عالجت في مداخلتها مسألة الحماية من منظور تأثير الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة على استفادة النساء خصوصا من الخدمات الاجتماعية من جهة وعلى إهدار الحق في حماية البيانات الشخصية التي تبقى عرضة للتحكم. النساء مكشوفات، تقول المتدخلة، في عالم رقمي قابل للاختراق وهو ما يتطلب حماية خاصة لأن مخاطر الرقمنة يمكنها أن تهدد حتى الحياة. نحن في حاجة إلى تعديل دستوري يأخذ بعين الاعتبار هذه المخاطر.  بعد ذلك أشارت في سياق حديثها عن العدالة المجالية إلى تدهور الوضع الاجتماعي لكم هائل من النساء جراء إغلاق معبري سبتة ومليلة حيث لم تمكن المشاريع البديلة من جبر الأضرار الناجمة عن هذا الإغلاق وما زال هاجس الهجرة الجماعية حاضرا بقوة.
الأستاذة خديجة الرباح عن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب كشفت في مداخلة مطولة عن العديد من الثغرات في قراءتها للوثائق المنشورة في بوابة الوزارة التي تعرف الحماية الاجتماعية “كمجموعة آليات لمجابهة الآثار المترتبة عن الأخطار الاجتماعية للأفراد والأسر هدفها الحد من فقر الأسر” مقارنة إياها مع المواثيق الدولية ذات الصلة ومتسائلة أين هو الالتزام في هذا التعريف وهل نحن أمام سياسة عمومية حقيقية تحمي الأسر والأفراد.  ودعت إلى اعتماد آلية الأمن القانوني (التقاضي) ومراجعة مفهوم القوامة في المدونة بما يتلاءم مع هذا الأمن. كما أشارت إلى السخط العارم الذي صاحب الانتقال من نظام الرميد إلى نظام أمو وأن التعويضات عن المرض لا تستجيب للحدود الدنيا أمام الغلاء الفاحش للـأدوية. وشددت على ضرورة مساعدة الأسر والمرافقة النفسية والمقاربة التشاركية. من جهة أخرى اعتبرت المتدخلة أن النساء هن ضحايا غياب العدالة المناخية  (الهجرة الاضطرارية) وقدمت توصية بفتح نقاش حول الميزانية والحماية الاجتماعية والنوع الاجتماعي.
وقد عرفت الندوة تقديم شهادتين حية من طرف امرأتين من المنطقة، الأولى بدون عمل ضحية نصب من طرف الزوج الذي هجرها دون تطليق وتحايل على القانون كي ينفرد بتحصيل التعويضات عن مرض ابنتهما والثانية لسيدة سبق أن اشتغلت في معبر سبتة الحدودي وتعاني من التعقيدات الإدارية حيث لم تستطع لحد الآن الاستفادة من أمو.
تميزت تدخلات الحضور بكلمة مقتضبة للأستاذ كمال لحبيب رئيس المرصد المغربي للحماية الاجتماعية ألح فيها على حاجة المجتمع المدني إلى المزيد من التفكير وإنضاج التصور في ورشات إضافية لاستكمال مدخل من مداخل أساسية لبناء دولة ديمقراطية عادلة ودعا إلى التعبئة لربح هذا الرهان الذي بدونه لا يمكن الحديث عن الحماية الاجتماعية خاصة وأننا نعيش على إيقاع التضييق على الحريات والحقوق واستشراء الفساد.
باقي التدخلات أثارت عددا من النقط نجملها في ما يلي:  المعاناة الخاصة للأشخاص في وضعية إعاقة وغياب برامج حمائية دامجة لهم (تم تغييبهم في الإحصاء) وللأشخاص في وضعية هشاشة كالمشردين، تكثيف التنسيق على مستوى الجهة لتوحيد الرؤى وتقديم مقترحات، النساء لا يصلن إلى المعلومة بسبب الأمية الرقمية، الانتباه إلى ظاهرة الهدر المدرسي وعدد من الأسر المعنية لا تستفيد، النساء العازبات لم يتمكن التسجيل في السجل الموحد، غياب مراعاة خصوصية الأفراد، نرفض إفراغ صندوق المقاصة لتمويل الحماية الاجتماعية بدل تمويله من محاربة التملص والتهرب الضريبي، تبني مالية عمومية  تضامنية مدمجة وشمولية، إقرار أجر للمرأة العاملة بالمنزل، المطالبة بإعادة النظر في مؤشرات الاستفادة، قانون الإطار الحالي هو تراجع عن الدولة الاجتماعية بعد إلغاء 120 برنامج اجتماعي (تيسير مثلا) والآن الدعم مشروط بالعتبة ما يقلص عدد المستفيدين من 22 مليون إلى بضع ملايين، تفاقم الفوارق الطبقية،  لا يعقل أن تستفيد طبقات غنية من الدعم.
الولوج إلى توصيات اللقاء

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button
error: